Homeثقافة وفنون

مصطفى فروخ: الهوية اللبنانية بريشة فنية 1901 – 1951

مصطفى فروخ: الهوية اللبنانية بريشة فنية 1901 – 1951

"طريقي إلى الفن"...بهذه العبارة بدأ مصطفى بن محمد بن صالح بن عبد القادر بن محمد فروخ مسيرته الفنية في الرسم التشكيلي من لبنان إلى العالمية. ولد مص

فنّ الكروشيه … تراث لا يتلف
فريال كريم: عاشت للمسرح وماتت عليه! (1938 – 1988)
مستشفى الأحذية … دواء لكل حذاء 
طريقي إلى الفن“…بهذه العبارة بدأ مصطفى بن محمد بن صالح بن عبد القادر بن محمد فروخ مسيرته الفنية في الرسم التشكيلي من لبنان إلى العالمية.

ولد مصطفى فروخ عام 1901 في حي “البسطا التحتا” في بيروت، لكنه تيتم باكراً إذ توفي والده وهو لم يبلغ بعد السادسة من العمر، فاعتنت به والدته. بدأ يرسم باكراً، بل صار مدهشاً بما يصوّر من وجوه وعصافير وأشجار. لكن إرادة أهله وبالأخص أمه كانت تغيير رغباته في الرسم، فقد أرسلوه إلى “الكتاب” لكي يتعلم ويحفظ القرآن الكريم، ويتعلم أيضاً الخط والكتابة والأرقام. مع ذلك فقد كان مصطفى يذهب إلى البحر يومياً، ثم يعود ليرسم على كراس الكتابة بعضاً من السفن الشراعية والبواخر التي كانت تحـتشد في المرفأ في تلك الفترة، حين كان لبنان جـزءاً من الإمبراطورية العثمانية.

من لوحات مصطفى فروخ - من الانترنت
من لوحات مصطفى فروخ – من الانترنت

رسم في طفولته مناظر بحرية قبل أن ينتسب إلى المحترف حبيب سرور عام 1916 وفي عام 1921 درس على يد الفنان خليل صليبي. بعدها، سافر عام 1924 إلى روما ليدرس الرسم في الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة ليتخرج منها عام 1927. وخلال دراسته شارك في “بينالي روما” بلوحتين. ثم، ذهب إلى باريس بعد تخرجه مباشرة لينتسب إلى محترفات عدد من الرسامين ويعرض رسومه في صالون باريس. ومن بعدها سافر إلى إسبانيا ليتجول بين الآثار العربية في الأندلس وهي الجولة التي ألقت بظلالها على تجربته الفنية فكان يستعيد بعد ملامح الزخرفة العربية.

لوحة من “ضيعة” لفروخ – من الانترنت

اشتهر فروخ بفن البورتريه، المسكون بهاجس النهضة العربية، وشكّلت القرية اللبنانية أحد مواضيع لوحاته الأساسية. وانطلقت تجربته من مكانة الفنّ في نهضة الأمم، إذ إنّ الشعوب العربية هي الأوج إلى التربية الفنية. من هنا، سعى إلى دراسة الفن العربي ــ الإسلامي في الأندلس.

رسم مصطفى فروخ مدن كثيرة بألوان غريبة ومميزة وكأنها صورة بالكاميرا وليست رسمة فقط، كما رسم شخصيات عدة منها: ” وجوه مشايخ وأساقفة ورجال النهضة، زينت في العام نفسه صالون فندق الشرق في بيروت -جمال الدين الأفغاني، الإمام محمد عبده، الشيخ عبد الحميد زهراوي، البطريرك غريغوريوس حداد وأمين الريحان.”

لكن بقيت أهم اهتماماته هي اللوحات لبنانية، أذ رسم المشهد الاجتماعي والطبيعي والتاريخي اللبناني، فهو “لبناني … ابناً لكل لبنان لا لفئة أو طائفة” (من أقواله)، وهذا وعي بالغ الحساسية في فنه وحياته.

لوحة لزوجة مصطفى فروخ – من الانترنت

متحف مصطفى فروخ

حوّل هاني فروخ قسماً من منزله في المصيطبة الى متحف يضم أعمال والده.

فقد ضمن المعرض لوحات تمثل بيروت من جوانبها كافة، ولبنان من شماله إلى جنوبه فنرى صيدا، عاليه، برمانا، المتن، بيت مري، الدورة، الذوق، جونيه، عاريا، الضبيه، الفريكة، المريجة، الزعرور وجبل صنين، كسروان، العبادية، شملان، بكفيا، طرابلس، الشويفات، بحمدون، قب الياس، الشقيف، زحلة، البقاع، الحدث، ضهور الشوير، بيت الدين، بعلبك، دير القمر… هذه بعض المناطق اللبنانية التي كانت ضمن فنه إذ يمكن أن تجد لبنان كله مرسوماً.

من متحف مصطفى فروخ – من الانترنت

ولم تكن الأماكن فقط هي شغف الرسم لدى فروخ بل رسم الوجوه أيضاً (بورتريه). منها لشخصيات إسلامية معاصرة وتاريخية، شخصيات درزية، مسيحية، وأرمنية وكردية. تعكس هذه اللوحات صلة عميقة لفروخ بالمجتمع اللبناني ووعياً حاداً بطبيعته كفنان ينتمي الى الجميع ثقافياً وجمالياً، ولا ينتمي الى فئة أو طبقة اجتماعية محددة.

لوحة بعنوان “بائع البندورة” – من الانترنت

تراث فني متنوع: كتب مصطفى فروخ نافذة على عالم الثقافة والحياة

بالإضافة إلى 5000 لوحة من لوحاته الفنية، قدم فروخ أيضاً مساهمات أدبية مهمة، من بينها كتب تعكس رحلته الفنية والثقافية، مثل “رحلة إلى بلاد المجد المفقود” التي تعنى بفن العمارة والزخرفة في الأندلس، و”قصة إنسان من لبنان” التي تحكي قصة حياته بأسلوب قصصي مشوّق. كما نجد “الفن والحياة“، مجموعة مقالات تناولت الفن وعلاقته بالحياة، و”طريقي إلى الفن“، الذي يعكس نقده الفني وتاريخ الفنون بصيغة سيرة ذاتية.

غلاف كتاب رحلة إلى بلاد المجد المفقود – من الانترنت

أما “وجوه العصر“، فقدم فيه رؤيته لفن الكاريكاتور مصحوبة بصور لأعماله الكاريكاتورية. ولدى فروخ أيضاً مفكرة يومية تحوي مذكراته وآراؤه في مجالات متعددة، فهو لم يكن فقط فناناً وكاتباً بل كان أيضاً مثقفاً وناقداً ومفكراً. عمل كذلك في مجال التعليم لسنوات عديدة، حيث قاد العديد من الدروس والمحاضرات في الفن والحياة والمجتمع. وتم عرض أعماله في متاحف ومعارض دولية عديدة، مما جعل اسمه مدرجاً في قاموس الفن العالمي “Benezit” عام 1950.

من كتاب “وجوه العصر” – من الانترنت

كانت مسيرة مصطفى فروخ حافلة بالإبداع والتأثير اللبناني على مجتمعه، تركت بصمة قوية في عالم الفن والثقافة، ولا تزال أعماله تلهم وتثري المشهد الفني للكثير من الرسامين، وكذلك تعرض لوحاته في بعض الجامعات اللبنانية وتدرس للاختصاصات التي تحمل جانب تصميمي وفني.

مصطفى فروخ … أيقونة جسّدت لبنان بريشتها.

لقرائة المزيد للكاتبة : اضغط هنا

COMMENTS

WORDPRESS: 0
DISQUS: 0