Homeتراث

مستشفى الأحذية … دواء لكل حذاء 

مستشفى الأحذية … دواء لكل حذاء 

هو مستشفى خاص حيث لكل حذاء قديم علاجه المناسب وبأسعار مناسبة. إنه "مستشفى الأحذية" في النبطية والذي يقع داخل سوق اللحم التراثي. يستقبل مرضاه من الأحذ

كيف يستلهم المصممون اللبنانيون تصميماتهم الجديدة من الحضارات والثقافات القديمة؟
فريال كريم: عاشت للمسرح وماتت عليه! (1938 – 1988)
الحكواتي بين الفنّ التّقليدي والعالم الرقمي

هو مستشفى خاص حيث لكل حذاء قديم علاجه المناسب وبأسعار مناسبة. إنه “مستشفى الأحذية” في النبطية والذي يقع داخل سوق اللحم التراثي. يستقبل مرضاه من الأحذية على اختلاف حالاتها وأنواعها ويصف لها الدواء المناسب حتى يعيدها جديدة. أما الحالات المستعصية والطارئة فلها حلان: إما ان تخضع لمراقبة شديدة وتتمّ معالجتها لتستعيد رونقها مثل كعب حذاء خلع من مكانه، أو أن يقول لك الاسكافي: “العوض بسلامتك خلص عمرو“.

حقيقة مستشفى الأحذية

يستقبلك الدكتور علي الخياط – الاسكافي المخضرم- بابتسامة عريضة في محله المتواضع الذي لا يزال يعمل فيه بشغف وحب. للوهلة الأولى يبدو الاسم غريبا بعض الشيء، ولكن حين تسأل المعلم علي عن سبب التسمية يجيبك بكل بساطة “أحب التميز عن غيري، أحب أن أجذب الزبائن بطريقتي الخاصة، وقد عمل الاسم على استقطاب 50 بالمئة من الزبائن من مختلف الفئات العمرية، فضلا عن أنني أعمل بأمانة، لذا يحبّني الناس الذين يأتون إليَّ من مختلف المناطق”.

أبو مروان يفحص الحذاء

يجلس أبو مروان خلف طاولة الخياطة وفي فمه السيجارة التي لا تفارقه، تحيط به الأحذية و الجلود من كل الجوانب، واذا كنت زائراً جديداً في مستشفاه يقدم لك بطاقته الخاصة:  “hospital of shoes”  لتصليح جميع أنواع الأحذية والشنط.

أبو مروان والسيجارة

يعمل بجهد منذ الصباح الباكر حتى آخر النهار، لا يكل و لا يمل من العمل بل يعتبر أن في كل يوم جديد له حالات من الأحذية ” التعبانة”، تراه وكأنه طبيب يفحص الأحذية بدقة ويشخّص المرض أو العطل قبل أن يبدأ بعلاجه، فالبعض يتطلب وقتاً قصيراً ليعالج حيث أنّ صاحبه ينتظره ليأخذه معه، أما البعض الآخر فيتطلّب وقتا طويلا وكأنه يدخل غرفة العناية المشددة، وطبعا كلّ بحسب حالته.

معدّات المستشفى

 يستخدم الدكتور علي في  مشفاه  أدوات بسيطة جداً وهي عبارة عن السندان، والإبرة التي يتم من خلالها التحكم بالحذاء يدويا، والسكين الذي يتم به تقطيع الكاوتشوك وتنظيف الكعبيات. أما الأدوات الحديثة فهي عبارة عن المكنة والقوالب الجاهزة التي يتم شراؤها من الخارج، أو المواد الوطنية المحلية، التي تسمى بالتركي “كرستا” والتي يتم استعمالها لتصليح الأحذية ( كعبيات، نصف نعل، خياطة درزة، درزة مسامير، تلزيق) ..

حرفة وفن

بدأ أبو مروان الخياط العمل في هذه المهنة منذ ٤٠ عاما، وهي مهنة احترفها وأحبها منذ طفولته، بل عشقها على حدّ تعبيره، على الرغم من دراسته الفلسفة وإتقانه اللغتين الفرنسية و الإنكليزية، الأمر الذي يبدو واضحا من خلال تواصله مع الناس، فعند انتهائه من تصليح الحذاء يردد جملته الشهيرة “ç’est finit à la maison” ! و يودّع زبائنه  بابتسامة عريضة ، مجدّدا دعوته لهم بمعاودة زيارة المستشفى من جديد.

 من جهة أخرى يعترف الدكتور بأنّ لديه ميولا سياسة خولته كتابة الكثير من المقالات في صحف ومجلات لبنانية، لكن عشقه لهذه المهنة دفعه إلى التخلي عن دراسته واحترافها. 

تعليمات المستشفى

لم يكتفِ الدكتور علي باحتراف مهنة الكندرجي بل طوّرها وأدخل الفنّ في تفاصيلها حيث أدخل إليها الخياطة والاكسسوارات. فعندما يدخل الحذاء الى مشفاه يخرج برونق جديد وكأنه ماركة حقيقة من ذوي طبقة أرستقراطية. ويترجم الدكتور علي فنّه في الأحذية، فأي حذاء يقع تحت يده يخرج متعافياً بحلة جديدة، كما يصف له الأدوية للحفاظ عليه مدة أطول.

لا يخجل أبو مروان بمهنته بل يفتخر بتعليمها لأبنائه، كما يأمل أن يكمل أحد أبنائه مسيرته، لأنها ليست مجرد مهنة يعتاش منها الإنسان بل هي فنّ بحدّ ذاته، ويدعو الشباب اليوم لإنعاشه خصوصاً في ظل وجود مواقع التواصل التي تسهّل العمل أكثر.

الأزمة الاقتصادية

يعترف أبو مروان الخياط أنّ الأزمة الاقتصادية أنعشت نوعاً ما سوق تصليح الأحذية، حيث أصبع معظم المواطنين يتجهون نحو و ٢٥ الف ليرة إصلاح أحذيتهم بدلاً من شراء أحذية جديدة، “فالفحصية والعلاج عاللبناني”.

فضلاً عن ذلك لم يتوانَ عن خدمة أبناء بلده حيث نشر عام ٢٠١٩ عبر صفحته على  مواقع التواصل الاجتماعي منشورا قال فيه: “إذا كنت لا تملك مالا نحن نهتم بتصليح أغراضك مجانا ورزقي ورزقك على الله”.

لقراءة المزيد للكاتب

COMMENTS

WORDPRESS: 0
DISQUS: 0