هي من أقدم المدن التي عرفها التاريخ، إنها ليست وليدة عصر من العصور بل هي أمّ الأجيال ورفيقة الحضارات وحاضنة الشعوب. منذ اليوم الذي خطّ التاريخ فيه
هي من أقدم المدن التي عرفها التاريخ، إنها ليست وليدة عصر من العصور بل هي أمّ الأجيال ورفيقة الحضارات وحاضنة الشعوب. منذ اليوم الذي خطّ التاريخ فيه صحائفه الأولى إلى يومنا المعهود، تعيش هذه المدينة حالة من الإحتلال شبه الدائم من سيطرة عثمانية ثم بريطانية ثم مصرية وثم إسرائلية.فهل عاهدت غزة الزمن الجميل عبر تاريخها؟
تسمية غزة عبر التاريخ
عرفت هذه المدينة بتسميات عديدة، ففي العصر الإسلامي أطلق عليها “غزة هاشم” نسبة إلى جد نبي الإسلام “هاشم بن عبد مناف” الذي توفي فيها، وفي اللغة العبرية تسمى “عزة” بالعين، ويقول العارف في كتابه “تاريخ غزة” إن الكنعانيين كانوا يطلقون عليها “هزاتي” والمصرييون كانوا يسمونها “غازاتو” أو “غاداتو”، ولها تسميات مختلفة عبر التاريخ.
هناك إختلاف في تفسير سبب تسميتها ، بعض المؤرخين يعتقدون أنها إشتقت من كلمة “القوة” وآخرون يرون أنها تعني “الثروة” أو “المميزة” وجميع التسميات تتضمن فكرة القوة نسبة إلى قوة المدينة في استيعاب وتخزين أشياء قيمة وثمينة.
مدينة غزة هي واحدة من أبرز المدن الفلسطينية التي تتمتع بمكانة استثنائية في التاريخ والحضارة، وتعدّ من النقاط الأساسية للتجمع الحضاري بين الشرق والغرب لأنها مدينة متنوعة وغنية بالتراث والتاريخ.
سكان غزة الأصلييين
في هذا الإطار كان لموقع قديمكم مقابلة خاصة مع محلل الميادين للشؤون الفلسطنية الإستاذ “عبد الرحمن نصار” فماذا كان رأي نصار عن السكان الأصليين: يقول نصار أنه من الصعب تحديد السكان الأصليين للمدينة، فهناك العديد من العائلات تعتبر نفسها من السكان الأصليين وفي البحث في تاريخ بلاد الشام على وجه التحديد نجد أن جزء كبير من هذه العائلات إما أتى من الجزيرة العربية، أو من العراق أو من مصر وتعود أصولهم إلى 200 و 300 سنة قبل الميلاد، وسبب هذا التنوع هي أن فلسطين مرّ عليها إحتلالات دائمة فالسكان الأصليين هم خليط من القبائل المقاتلة.
ويضيف الأستاذ عبد الرحمن نصار” هناك ملاحظة لطيفة أن قبيلة الشعب الفلسطيني هو شعب فلاح وكادح ومسالم، تأتي قوة تحتله ثم قوة أخرى تحرّره إلا أهل غزة مشهورين بأنهم شعب مقاتل منذ زمن الإسكندر المقدوني، وطبيعة المنطقة والناس أنهم أقوياء وليسوا بمعتدين”.
غزة والزمن الجميل
في فترة الخمسينات والستينات كانت المدينة تحت الإحتلال المصري، ودام الحكم المصري حوالي 19 سنة اي ما بين عام 1948و1967 وبرأي نصار فإذا أردنا الحديث عن زمن جميل حقيقي فهو ما قبل العام 1948م ، إلا أنه وقبل ذلك شهدت صراع مع العثمانيين والبريطانيين مع ذلك فترة الإنتداب البريطاني كانت جيدة إلى حد ما لأن البريطانيين أنشؤوا المؤسسات، وكانوا يعتبرون أن فلسطين حصتهم وويريدون تطوير شعبها، فأصدروا عملة للفلسطينيين وجوازات سفر ، وأنشؤوا إذاعات وفريق قدم وحتى فريق قدم نسائي فبذلك أظهروا إهتمامهم للشعب الفلسطيني رغم أنهم إحتلال ولكن بالمقارنة مع الإحتلالات الاخرى كانو أقل سوء من غيرهم.
إتفاقية أوسلو
ويضيف نصار أنه لا يوجد زمن جميل محدّد للبحث عنه بل يوجد فترات مقتطعة بين الصراعات كانت تمثل نقطة إرتياح، وبعد العام 1967 وقعت المدينة تحت الإحتلال الإسرائيلي لتأتي مرحلة الإنتفاضة الأولى والثانية التي انتهت بتوقيع إتفاقية “أوسلو” .
سنوات أوسلو بين العام 1994 و2005 كانت جيدة على صعيد الإعمار وبناء المؤسسات وقيام الدولة في غزة ، في 13 أيلول من العام 1993 وقّع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في حديقة البيت الأبيض إتفاق تشكيل “سلطة حكم ذاتي فلسطيني إنتقالي” هو إتفاق أوسلو الذي مهد لمرحلة جديدة من تاريخ القضية الفلسطينية وتعتبر هذه الإتفاقية أول وثيقة رسمية مباشرة بين إسرائيل وفلسطن.
ينهي الأستاذ نصار حديثه بالقول أن الزمن الجميل لغزة دائما وأبدا هو أن تكون خارج الإحتلال وأن تحكم المدينة نفسها بنفسها ،لأنه وحتى في فترة حكم حماس عام 2007 ومع عدم وجود مستوطنات للإسرائليين كان هناك وجود لحكم فلسطيني داخلي وبغض النظر عن إيجابيات وسلبيات حكم حماس إلا أن المدينة تحاصرت 17 سنة ولهذا الحصار أضرار وصعوبات كثيرة ، وخلق أجيال لديها مئات الأزمات إذا لا يوجد زمن جميل حتى لو كان الإحتلال بالظاهر غير موجود وبالباطن موجود ومؤثر إلى أن ينتهي الإحتلال كليا وتفتح المدينة على كل فلسطين ويتحقق الزمن الجميل.
لقراءة المزيد للكاتب إضغط هنا.
COMMENTS