عند الحديث عن نسويات العصر الحديث وأدوات التحرر "الواجبة"، غالبًا ما يلوح في الذهن اسم إمرأة عاملية قالت يومًا جملتها "ونحن، نساء الشرق، لا يمنعنا ال
عند الحديث عن نسويات العصر الحديث وأدوات التحرر “الواجبة”، غالبًا ما يلوح في الذهن اسم إمرأة عاملية قالت يومًا جملتها “ونحن، نساء الشرق، لا يمنعنا الحجاب من التفوق والخوض في كل مجال” ثم أرفقتها بعشرات الكتب والمنتجات الفكرية الرصينة في الأدب والدين والصحافة مؤرخة حياة 456 إمرأة من الشرق والغرب، سابقة في دعواها لتحرر المرأة والمساواة مع الرجل الأديبة مي زيادة، وفي كتابة الرواية الروائي محمد حسين هيكل. زينب فواز (1850-1914) الأديبة العاملية الآتية من أسرة فقيرة من تبنين جنوب لبنان، سفيرة نساء جبل عامل إلى مصر وسفيرة الشرق إلى العالم.
من تكون زينب فواز العاملية؟
ولدت زينب فواز، إبنة علي بن حسين فواز ما بين 1845 و1869 في قرية تبنين جنوب لبنان. لا يزال تاريخ مولدها الدقيق مجهولًا، لكن يقال أنها كانت من عائلة فقيرة تربطها صلة قرابة بعائلة الأسعد الاقطاعية. إذ تعهدت تعليم الفتاة السيدة فاطمة الخليل زوجة علي بيك أسعد بعد أن التمست فيها نبوغًا، فأسكنتها إلى جوارها في القلعة، وقدمت لها المعرفة، مستثمرة في تعطشها للعلم. حفظت فواز القرآن ودرست تفسيره إلى جانب إبنة الخليل، وكان لها قراءات كثيرة في الأدب والشعر. في مؤلفها الأشهر “الدر المنثور في طبقات ربات الخدور” الذي أرخت فيها حياة 456 إمرأة من الشرق والغرب ابتداءً من آمنة أم النبي محمد (ص) وانتهاءً ب لايدي رسل إبنة وزير مالية انكلترا، ذكرت فواز إبنة الخليل التي ربتها إلى جانب كثيرات من رائدات الأدب. وقد توجهت فواز إليهن عام 1890 في إطار إتمام مشروعها في صحيفة “لسان الحال” اللبنانية طالبة منهن إرسال سيراتهن الذاتية إليها
سفرها إلى مصر
تاريخ انتقالها لمصر حظي كذلك بعدة روايات، والأرجح أنها سافرت طلبًا للعلم فسكنت مع أخيها الذي كان محاميًا، إذ كانت مصر معروفة في ذلك الوقت بأنها معقل الأدباء والصحافيين. أعجب الصحافي وصاحب جريدة “النيل” حسن حسني الطويراني بإمكانياتها بعد أن قرأ لها مقالًا نشرته في صحيفة المؤيد اليومية، فأخذ تثقيفها اللغوي على عاتقه، وأفسح لها المجال للكتابة في جريدته، حيث نشرت هناك أكثر من 20 مقالًا.
أشهر مؤلفاتها: الدر المنثور في طبقات ربات الخدور
الذي جعل من فواز “ظاهرة” بالاضافة إلى نبوغها، هو أن النسبة الأكبر من النساء اللواتي كن يكتبن في الصحف (بأسمائهن الحقيقية) كن من العائلات العثمانية العربية ذات التراث المسيحي، وغالبًا ما كن من المهاجرات اللواتي درسن في المدارس التبشيرية المسيحية التي أسست من البعثات الأوروبية أو الأميركية. لذلك كان من الغريب في ذلك الوقت أن تظهر إمرأة مسلمة من الطائفة الشيعية، من عائلة فقيرة، تكتب في الصحف، وتتحدث عن تحرر المرأة والمساواة الكاملة مع الرجل من جهة الانخراط في الحياة السياسية والاجتماعية وإن كان بإطار إسلامي، وتحث الرجال على محاربة الاستعمار.
عام 1890 نشرت فواز مسرحيتها “الهوى والوفاء” ولا يوجد دليل إذا ما جرى عرضها على المسرح. ثم أتبعتها بقاموسها التأريخي “الدر المنثور في طبقات ربات الخدور” سنة 1894 والذي شاركت فيه في معرض شيكاغو. وفيما كان يعتقد أن أول رواية عربية كانت رواية “زينب” للمؤلف المصري محمد حسين هيكل عام 1913، تبين أن مؤلفها “حسن العواقب” الصادر سنة 1899 هو أول رواية عربية من حيث الجنس الأدبي، ومن حيث المضمون. فقد كانت الرواية الأولى من نوعها التي تعرض عادات وتقاليد جبل عامل في تلك الفترة. وفي عام 1905، نشرت فواز “الرسائل الزينبية” وهي مجموعة مقالاتها التي نشرتها في عدة صحف، وبلغ عددها حوالي 71 رسالة.
” وما المانع يا تُرى بعد أن علم الكل من الرجال مزية تعليم المرـة لو قام البعض منهم بتشييد مدارس لتعليم البنات على مقتضى القواعد الدينية؛ لأننا نعلم علم اليقين في شريعتنا الغراء متوفرة أسبابه، وأن “كل صيد في جوف الفراء” ولعنا باتباع هذا المنهج المفيد والطريق المستقيم ندرك في المستقبل رفعة وشأنًا في الحضارة، ونسترجع ما سلب منا ظلمًا وعدوانًا، ونتحصل على حقوقنا بعون الله وهمة رجالنا، وليس ذلك على الله بعزيز”
من رسالتها الثانية بعنوان “تقدم المرأة”
أراؤها
اشتهرت فواز بمواقفها التي وصفها البعض بالراديكالية فيما يخص المساواة مع الرجال وإن كانت متمسكة بتدينها. فقد كانت تدعو النساء لمشاركة الرجال الأعمال خارج المنزل، والانخراط في المجالس والصالونات الأدبية، بالإضافة إلى المشاركة في الحياة السياسية، مستعينة على ذلك بكتابها “الدر المنثور” ومطالبة بتعليم المرأة. إذ تقول في رسالتها الزينبية الخامسة ردًا على الأديبة هنا كوراني التي عبرت عن رأيها بعدم قدرة المرأة على الموافقة بين الأعمال المنزليةوالعمل خارج المنزل قائلة : دواؤك فيك وما تبصر وداؤك منك وما تشعر”
لقراءة المزيد للكاتبة اضغط هنا
COMMENTS