زلزال آذار 1956 (الدولية للمعلومات) شهد لبنان في شهر آذار/مارس من العام 1956 زلزالا كبيرا سبّب دمارا كبيرا في منطقة الجنوب، وبالأخصّ في مناطق جز
شهد لبنان في شهر آذار/مارس من العام 1956 زلزالا كبيرا سبّب دمارا كبيرا في منطقة الجنوب، وبالأخصّ في مناطق جزين وشرق صيدا والشوف وإقليم الخروب وبعض مناطق البقاع، أدى إلى دمار كبير في المباني وتجهيزات البنى التحتية لا سيما الطرقات البدائية القديمة، إذ إن أكثرية المناطق لم تكن تعرف حينها الكهرباء وشبكات المياه والاتصالات.
يوم استفاق لبنان على زلزال
ففي صباح السادس عشر من شهر آذار عام 1956 شعر المواطنون ب 3 هزات أرضية تراوحت قوتها بين 4،8 و 5,1 درجات على مقايس ريختر، تبعها زلزال مدمّر بلغت قوته 5،6 درجات، أسفر عن سقوط حوالي 140 ضحية و500 جريح، إضافة إلى 44 ألف مهجّر ونازح.
وبحسب التقديرات بلغ عدد القرى المنكوبة بسبب الزلزال 241 قرية، وتضرّر أكثر من 7000 منزل بين متصدّع ومهدوم بشكل كلّيّ، معظمها بلدات شحيم التي كانت مركز الزلزال، وعانوت ومزبود وجون وصولاً إلى الشوف الأعلى ومناطق صيدا. وقدّرت يومها الخسائر المادية بحوالي 100 مليون دولار أميركي.
ورغم أنّ الكارثة كانت مدمّرة جنوبا، إلا أنها لم تكن أقلّ رعبا في العاصمة بيروت التي خلت أحياؤها من السكان، الذين هرعوا إلى الشوارع بعيدا عن المباني والبيوت خوفا من سقوطها، كما فرّ الآلاف منهم بسياراتهم إلى المناطق الجبلية باعتبارها أكثر أمانا، وامتلأ حرج بيروت بالنازحين الهاربين من بيوتهم المهدّدة بالسقوط.
ويذكر أنّ الطقس في ذلك الوقت كان باردا وماطرا ما زاد من حدة الكارثة خاصة على النازحين، الذين امتدت لهم يد المساعدة من الجيش والصليب الأحمر وبعض الجميعات الخيرية، إضافة إلى المساعدات التي تهافتت من اللبنانيين في الداخل ومن المغتربين وبعض الدول العربية القريبة. كما سارعت الدولة إلى نصب الخيم لإيواء السكان المشردين الذين أصبحوا دون مأوى، وتقديم المساعدات الغذائية والطبية لهم ووسائل التدفئة. ولاحقاً أنشأت الحكومة في 9 نيسان 1956 (أي بعد نحو 24 يوماً على حدوث الزلزال) المصلحة الوطنية للتعمير التي تولّت مهمّة إعادة إعمار المناطق المنكوبة نتيجة الزلزال.
تاريخ الزلازل في لبنان
لم يكن زلزال 1956 الأول في تاريخ لبنان، فقد تعرّض لبنان نتيجة موقعه لعدة زلازل مدمّرة في القرون الماضية. ففي عام 551 تعرّضت مدينة بيروت لزلزال مدمّر، وفي عام 1170 دُمّرت مدينة طرابلس نتيجة زلزال أيضاً، وفي عام 1759 ضرب الزلزال مجدّداً مدينة بيروت ووصل إلى دمشق، ما أدى حينها إلى مقتل نحو 40 ألف شخصا.
ويقع لبنان على فوالق متفاوتة النشاط، أبرزها هو فالق اليمونة في البقاع، الذي وصفه الخبراء بالأخطر لبنانيًا، باعتبار أنّ لبنان يقع على خطّ زلازل البحر الميت، الممتدّ من خليج العقبة إلى تركيا مرورًا بلبنان باسم فالق اليمونة الرئيسي، والذي تتفرع منه ثلاث فوالق هي: راشيا، سرغايا وروم.
تنذكر ما تنعاد …
منذ وقوع الزلزال المدمّر في تركيا في السادس من شباط عام 2023 والذي امتدّت آثاره المخيفة إلى شمال سوريا، يعيش اللبنانيون قلقًا كبيرًا خاصة بعد أن عاشوا لحظات مرعبة بسبب الهزات القوية والطويلة والمتعددة التي شعر بها معظم اللبنانيين على مدى أسابيع بعد وقوع زلزال تركيا. ففي تلك الفترة كان معظم اللبنانيين قد جهزوا حقائب الطوارئ تحسبا لأي هزة قوية قد تباغتهم، واحتفظوا بها لأيام وأسابيع عند أبواب منازلهم أو في سياراتهم منتظرين ساعة الهروب في أي لحظة، وكثيرون منهم عانوا من أعراض ما بعد الصدمة ومن الصداع والدوار لفترات طويلة بعد الهزات المتتالية.
ورغم كل تطمينات الجيولوجيين بأنّ الهزات الارتدادية طبيعية وبأنّ الأرض يجب أن تتنفّس وغيرها من التحليلات، لا تزال تلك اللحظات المرعبة حاضرة في أذهان من عاشوها، وقد أدّت كمية المشاهد الضخمة التي بثتها وسائل الإعلام والتواصل إلى مفاقمة تلك الأزمة، فلم تخلُ وسيلة إعلامية أو صفحة أو موقع أو حساب على أي من وسائط التواصل من صور ومشاهد للدمار الذي حلّ في تركيا وسوريا، عدا عن مشاهد الأطفال والجثث تحت الأنقاض وغيرها من المشاهد المؤلمة التي لم تكن مألوفة من قبل.
وإن كانت الدول القريبة منها والبعيدة قد سارعت يومها إلى مدّ يد العون إلى تركيا ومواساتها في مصابها، فكيف سيكون الحال في لبنان إن ما تعرّض لحدث مفاجئ؟ خاصة مع يقين الشعب اللبناني بأن حكومة هذا البلد الصغير المساحة غير مجهّزة لمثل هذه الكوارث وليست قادرة على مواجهتها.
اقرأ للكاتب نفسه بوسطة عين الرمانة
COMMENTS