Homeصورة وحكاية

بوسطة عين الرمانة … شرارة الحرب الأهلية الأولى

بوسطة عين الرمانة … شرارة الحرب الأهلية الأولى

بوسطة عين الرمانة بعد تعرّضها لإطلاق رصاص عام 1975 (موقع النهار) لا يمكن للبنانيّ أن يتذكّر الحرب الأهلية دون أن يأتي على ذكر بوسطة عين الرمانة، ف

1943 العلم اللبناني بين الماضي والحاضر
زلزال 1956: الأحدث في تاريخ لبنان
بوظة بشير..من بكفيّا 1936 الى العالمية
بوسطة عين الرمانة عام 1975
بوسطة عين الرمانة بعد تعرّضها لإطلاق رصاص عام 1975 (موقع النهار)

لا يمكن للبنانيّ أن يتذكّر الحرب الأهلية دون أن يأتي على ذكر بوسطة عين الرمانة، فهي بحسب المؤرّخين ومن شهد تلك الحرب كانت الشرارة الأولى التي أدت إلى نشوب حرب دامية طويلة الأمد بين أبناء الوطن الواحد، مخلّفة آلاف الضحايا والجرحى والمعوّقين والمفقودين، إضافة إلى الأيتام والأرامل والمهجّرين.

فما هي قصة بوسطة عين الرمانة؟

 يعدّ الثالث عشر من شهر نيسان تاريخا لا يمكن أن يمحى من ذاكرة اللبنانيين، ومن أسوء الأيام التي سجّلها تاريخ هذا البلد الصغير الحجم، الكثير الأزمات. ففي ذلك اليوم من العام 1975 اندلعت شرارة الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرّت 15 عاما، والتي حصدت نحو 150 ألف قتيل، فضلا عن الدمار الهائل الذي لحق بالعاصمة بيروت والمناطق اللبنانية، التي قُسّمت بين الطوائف والأحزاب، كما قُسّمت العاصمة بيروت آنذاك بين “شرقية” و “غربية”.

  لا يختلف اثنان على أنّ الحرب الأهلية بدأت في ذلك اليوم بما اصطلح عليه بمجزرة عين الرمانة أو بوسطة عين الرمانة. هذه البوسطة التي صارت جزءا من تاريخ لبنان منذ ذلك الحين. ففي 13 نيسان/ابريل1975  تعرّض رئيس حزب الكتائب بيار الجميل وأنصاره إلى إطلاق نار عند خروجهم من كنيسة في منطقة عين الرمانة في ضواحي بيروت، أودى بحياة اثنين من مرافقي الجميل. وُجّهت يومها أصابع الاتهام إلى الفلسطينيين بالوقوف وراء العملية، واعتبارها محاولة اغتيال للجميل.

 لم يمرّ ذلك اليوم بسلام، فبعد ساعات وأثناء مرور حافلة تحمل عددا من الفلسطينيين كانوا في طريق عودتهم من مهرجان سياسي قاصدين منطقة تل الزعتر، تعرّضت حافلتهم أيضا لإطلاق نار أدى إلى وقوع 27 قتيلا من ركابها، عرفت تلك الحادثة بمجزرة عين الرمانة، أو ما أطلق عليه لاحقا “بوسطة عين الرمانة”.

 عقب تلك الحادثة اندلعت معارك ضارية بين الفلسطينيين وأحزاب مسيحية، امتدّت تلك المعارك إلى مختلف المناطق اللبنانية. وفي 6 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه عُثر على أربعة جثامين لأعضاء من حزب الكتائب في بيروت، فقامت المليشيات المسيحية بقتل المئات من الفلسطينيين واللبنانيين المسلمين بناء على بطاقات الهوية (في ما عُرف بالذبح على الهوية) وسمّي لاحقا بـ”السبت الأسود”.

وتوسّع القتال بعدها ليشمل مختلف الأحزاب اللبنانية التي كانت موجودة في تلك الفترة، ودخل معها لبنان في دوامة صراعات وأزمات دامت خمسة عشر عاما من نزيف الدم الذي أودى بحياة الآلاف، عدا عن المعوّقين والجرحى والمهجّرين والمهاجرين الذين هربوا من الحرب الدائرة في لبنان.

في المرحلة الأولى استمرت الحرب حتى عام 1976، وتوقّفت بدخول الجيش السوري الى لبنان كقوات ردع عربية، لكنّ الجبهات عادت واشتعلت من جديد. خلال هذه الحرب اجتاح العدو الجيش الإسرائيلي لبنان مرتين في عامي 1978 و1982، حيث احتلت القوات الإسرائيلية العاصمة اللبنانية وفرضت ترحيل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية عن لبنان. ورغم ذلك لم تتوقف الحرب، فانعقدت مؤتمرات بين اللبنانيين في جنيف ولوزان في سويسرا عامي 1983 و1984 في محاولة للتوصل إلى اتفاق صلح يوقف الحرب

نهاية المأساة

وفي عام 1989 انعقد مؤتمر الطائف في المملكة العربية السعودية الذي اجتمع فيه رؤساء وممثلو الأحزاب اللبنانية المشاركة في الحرب. في ذلك المؤتمر أقر النواب اللبنانيون وثيقة الطائف التي صارت في العام 1990 دستورا جديدا للبلاد، على إثرها انتهى القتال وتوقفت الحرب بين اللبنانيين في 13 تشرين الأول من العام نفسه، حيث تولى الجيش اللبناني بقيادة العماد إميل لحود والقوات السورية إقصاء العماد ميشال عون عن السلطة وترحيله الى فرنسا.

  صورة لبوسطة عين الرمانة عام 2015 (موقع الجمهورية)

رغم كون الحرب الأهلية جزءا مؤلما للبنانيين، وقصة حزينة في تاريخ لبنان قد لا يرغب كثيرون في إعادة سردها أو الاستماع إليها، إلا أنّ تلك الحرب بكلّ تفاصيلها يجب أن تُحفظ جيّدا في ذاكرة كلّ لبناني، عسى أن تكون عبرةً تُستقى منها الدروس، ففي كلّ قصة يتمٍ وفقدٍ وتهجير سبّبتها تلك الحرب درسٌ عظيم يجب أن يتعلّمه الأبناء من الآباء والأجداد، حفره اتفاق الطائف بندا أول في مقدمة الدستور اللبناني الذي نصّ على ما يلي:

 “لبنان وطن سيد حر مستقل، وطن نهائي لجميع أبنائه، واحد أرضاً وشعباً ومؤسسات، في حدوده المنصوص عنها في هذا الدستور والمعترف بها دوليًّا”.

اقرأ للكاتب نفسه

COMMENTS

WORDPRESS: 0
DISQUS: 0