النشيد الوطني اللبناني بين العام 1920 و 1926

بقي النقاش حول أصل النشيد الوطني اللبناني مفتوحا، ولم نجد طوال هذه السنوات نتائج واضحة ويعرف الجميع القصة المدرسية الشائعة حول ولادة هذا النشيد رسميا عام 1927 بعد مسابقة فاز بها نص الشاعر رشيد نخلة والذي لحنه لاحقا الملحّن وديع صبرا وأعلن إلى شعب لبنان ولادة النشيد “كلنا للوطن للعلى للعلم” المعتمد إلى يومنا هذا.

النشيد الوطني اللبناني القديم 1920

في تاريخ الأول من أيلول عام 1920 وهو المعروف تاريخيا بيوم الإحتفال الرسمي لإعلان “دولة لبنان الكبير”، تم إلقاء أول نشيد وطني لبناني وهو “لبنان لا تخش العدا” وذلك من أمام مدخل قصر الصنوبر في بيروت، ويعتبر أول نشيد وطني رسمي مع فجر “دولة لبنان الكبير”، وهو من تنظيم الخوري مارون غصن والملحّن بشارة فرزان وتم إنشاده من قبّل أفراد موسيقى الضابطية اللبنانية.

أعيد عزف النشيد للمرة الثانية في السراي الحكومي الكبير، وبقي هذا النشيد يعزف لمدة ستّ سنوات في جميع الإحتفالات اللبنانية الرسمية، ولكن إختلف الحال في العام 1926 فمع ولادة الجمهورية اللبنانية المستقلة تم تكريس وإعتماد النشيد الوطني اللبناني الحالي من تأليف رشيد نخلة وتلحين وديع صبرا.

النشيد الوطني الحالي

كان للحكومة الاولى في عهد الرئيس شارل دباس الدور الأهم في وضع النشيد اللبناني، ففي العام 1926 وإعلان الجمهورية اللبنانية تم تشكيل لجنة تحكيمية بين الشعراء من لبنان و بلاد الإغتراب لإختيار أفضل نموذج سيكون رسميا نشيدا وطنيا للبنان.

قامت اللجنة بإصدار مرسوم جمهوري تحت عنوان “مسابقة لإختيار النشيد الوطني اللبناني” وينص هذا المرسوم في مادته الاولى على أن المسابقة قسمان : “مسابقة لإختيار قصيدة عربية تصلح كلماتها للنشيد اللبناني”، و”مسابقة بين مؤلفي الألحان لإنتقاء اللّحن الذي يوضع للقصيدة المختارة، وفي أواخر تشرين الاول 1926 تم الإعلان عن فوز نشيد الشاعر رشيد نخلة ووقّع قصيدته بإسم “معبد” وهو دلالة على إسم مغني عربي مشهور.

التشكيك في أصل النشيد الوطني

في العام 2011 إستضافت إحدى القنوات اللبنانية الفنان غسان الرحباني وإدعى خلال المقابلة أن النشيد مسروق من نشيد جمهورية الريف المغربية عام 1921 وقدم أدلة على كلامه، في هذا الإطار كان لموقع قديمكم حديث مع معلمة التاريخ الأستاذة جمانة مراد في ثانوية بنت جبيل الرسمية إطلعنا معها على موضوع سرقة النشيد والأدلة الموجودة.

هل أصل النشيد اللبناني مغربي؟ وهو أول سؤال وجه للأستاذة لتسرد لنا الحكاية، تقول مراد أن نشيد جمهورية الريف المغربي قد تم تأليفه بحسب المعلومات التاريخية عام 1924 من قبل الشاعر إبراهيم طوقان، بينما تم وضع النشيد اللبناني عام 1927 من تأليف رشيد نخلة وتلحين وديع صبرا.

إستندت مراد على مقطع من فيلم وثائقي عن السياسي المغربي “مهدي بن بركة” حيث ورد فيه لحن النشيد الوطني اللبناني على صور للملك محمد الخامس ولكن بكلمات مختلفة، وقالت يمكن أن يكون ذلك دليل على سرقة اللحن، وأشارت مراد إلى وجود دليل على هذا الكلام وهو كتاب “شاعران معاصران” لعمر فروخ خلص إلى أن محمد فليفل باع لحن نشيد بطل الريف إلى وديع صبرا اي سرقه من فليفل.

وفي البحث عن “نشيد الريف” هو بالفعل من تلحين الأخوان فليفل لكن أكدت مراد أن لحنه كان مختلفا عن لحن النشيد الوطني الذي وضعه صبرا، وأن لحن النشيد اللبناني وضع بعد سنتين .

أما في البحث تبين أن نشيد الريف قد شاع وإشتهر بشكل كبير، ما يدل أنه مجرد شيوع اللحن بهذه الطريقة سيكون من الصعب سرقته أو حتى إقتباسه وبيعه ما يدل أن إدعاء بيع لحن الريف هو إدعاء باطل، وتأكيدا على هذا الكلام إطلعنا على مقابلة للموزع الموسيقي نمر حبيب ومن خلال بحثه في هذا الموضوع تبين التالي: عندما قررت الحكومة اللبنانية إجراء مسابقة النشيد طلبت لجنة التحكيم من الأخوين فليفل إختيار الوزن الشعري المناسب فإختاروا وزن “بطل الريف”بهدف أن يؤلف الشعراء على شكلها وبحرها الشعري قصيدة النشيد الوطني اللبناني.

إذا النشيدان يحملان ذات اللحن ولكن لكل منهم دولة وشعب وقصة مختلفة، فنشيدنا الوطني هو ذو إنتاج لبناني وتأليف لبناني وتلحين لبناني.

لقراءة المزيد للكاتب إضغط هنا

مواضيع ذات صلة